الضفة.. هل تفعلها وتغير وجه التاريخ؟

نابلس - عبد السلام الأسمر



كنت في صباي مولعاً بقراءة كتب الإخوان في مصر، منذ أن وقعت عيناي للمرة الأولى على مذكرات الدعوة والداعية للإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، وتابعت باهتمام وتأثر شديدين كل ما كان ينشر في ذلك الوقت عن الجماعة الأم، خاصة ما تعرضوا له في محنتهم من أذى وتنكيل على أيدي جلاوزة النظام الطاغي آنذاك، وكنت ولازلت أحفظ القصيدة النونية لشيخنا القرضاوي حفظه الله، والتي يصف فيها أهوال التعذيب في السجن الحربي، ويختمها بكلماته الرائعة المعبرة عن ضعف الجلاد وعجزه عن نزع النور من صدرٍ مؤمنٍ عامرٍ بذكر الله..

حرصت من ذلك الحين على جمع ومتابعة الكتب المتحدثة عن مأساة الإخوان في سجون الطغاة، وما جرى لهم من تعليق على المشانق، وسحل في السجون، وتنقل بين المعتقلات لخمس وعشرين سنة، وما مروا به خلال ذلك من محن وأهوال تنوء بحملها الجبال..أعجبت جدا ببطولة أمنا المجاهدة زينب الغزالي رحمها الله، وهي تتحدى السجان وتصون شرفها، وتحفظ دعوتها، ولطالما هزتني كلمات الشهيد قطب رحمه الله، وهو يرى أخاً مقيد اليدين يصر على تحيته رغم الأغلال التي يرسف بها، فخاطبه بقصيدته الشهيرة أخي أنت حر بتلك القيود.. وأكبرت همة أستاذنا عبدالحليم خفاجي وهو يوثق تاريخ الجماعة في السجون بكتبه الملحمية "عندما غابت الشمس"، و"حوارمع الشيوعيين في أقبية السجون".

كانت كتب الاخوان في الضفة آنذاك شحيحة نادرة، فقد حارب المحتل الصهيوني الكتاب الإسلامي، وبالأخص الكتب الحركية، باعتبارها أهم روافد الصحوة الإسلامية، ولكن أبي رحمه الله كان خير معين لي في التغلب على شح الكتب آنذاك، فقد كان دائم التشجيع لي على المطالعة، وكان يسره أن يجد الكتاب في يدي، فكان يخصني بكتب يحضرها لي كلما سافر للأردن لبعض عمله .. وبفضله رحمه الله جمعت حصيلة طيبة من الكتب تهت بها نظرائي في ذلك الوقت..

رغم إعجابي بصمود الإخوان الأسطوري، وتحملهم الصعاب في سبيل دعوتهم دون ان تلين لهم قناة، إلا أن أسئلة كثيرة دارت في رأسي ولم أجد لها جوابا، ووجدتها تفرض نفسها على مخيلتي، عقب قراءة كل كتاب جديد. فقد كنت أتساءل بحدة، لم لم يقم إخواننا بالتصدي لحملات الاعتقال والتعذيب؟!، ما الذي أجبرهم على الرضوخ لمثل هذا الوضع المزري الذي سيموا فيه ألوان الخسف والهوان؟! لقد كانوا آلافاً، أفلم يكن بمقدورهم التمرد والاشتباك مع من يسعى للقضاء عليهم..وغيرها من الأسئلة التي لم أجد لها جوابا..إلى أن وقعت في يدي كتب ظهرت أواسط الثمانينات مسلطة الضوء على ما جرى، ومجيبة عن كثير من تلك التساؤلات..

كان منها كتاب الأستاذ محمود عبد الحليم رحمه الله "الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ"، الذي سلط الضوء على مجريات الأمور داخل الجماعة ومراحل تطورها من جمعية صغيرة، إلى حركة أضحت حديث الدنيا، وملء السمع والبصر، أكثر ما لفت نظري في ذلك الكتاب جرأته في نقد بعض القرارات التي اتخذتها الجماعة، موضحا الخلل الذي وقع في آليات اتخاذ القرار داخل الجماعة، حتى وصل الأمر للاصطدام بعبدالناصر ومن ثم دخول السجون..

كان الكاتب - بالنسبة لي على الأقل - أول من سلط الضوء على قضية "أن ما جرى للإخوان هو نتيجة أخطاء وقعت بها قيادتهم، ناتجة على الأغلب من سوء تقدير للموقف من قبل المجموعة القيادية المحيطة بالمرشد آنذاك".. وأوضح أنه أصر على الجهر برأيه هذا حتى في زنازين السجن الحربي رغم امتعاض الكثيرين من أبناء الجماعة، مصراً على أن ما جرى هو نتيجة معركة على السلطة وقد خسرناها.. مبتعداً عن التجريح والتهجم على شخوص القيادة.. مفرقاً بين مرحلتين من الاعتقال في سجون النظام، الأولى وهي نتيجة الاعتراك على السلطة وخسارتنا المعركة التي دخلناها دون استعداد، والثانية مرحلة الاعتقالات التالية في الستينات التي جاءت غطرسة وعدوانا من النظام، الذي قدم الإخوان كبش فداء في مقايضاته مع السوفييت.

بكلمات أخرى صارح المؤلف إخوانه بأن للسلطة معادلة ومتطلبات، لابد من اتقانها لمن يريد أن يصل إليها..وهي سنن أقامها الله لخلقه، من امتلك منهم ناصيتها أتته، مهما كانت نحلته.

ثم كان كتاب المرحوم حسن عشماوي "مذكرات هارب" التي وصف فيها كيف رفض الذل والهوان، وأبى أن يستسلم للاعتقال، رغم الصعاب.. وروى فيه كيف تنقل بين المغر والوهاد والجبال رافضا الاستسلام رغم الصعوبات، حتى نجاته من براثن الطغاة، وخروجه من مصر بعد ثلاث سنوات، ثم مغامرته بالعودة إليها مجددا لاستنقاذ زوجته وأطفاله.. وخروجه بهم سالما من بين انياب الطغاة..

في أحد فصول ذلك الكتاب يروي العشماوي رحمه الله عن اشتباك وقع بين إحدى المجموعات الإخوانية وقوة بوليسية أتت لاعتقالهم، وما كان لهذه المعركة الصغيرة من آثار كبيرة، أوقفت عمليات المداهمة والاعتقال عدة أيام، فقد ظنت السلطات أن قراراً إخوانياً بالمقاومة والتصدي قد صدر، فأوقفت حملتها ريثما تتضح الصورة، فلما تيقنت بأن الاشتباك لم يكن إلا اجتهاداً فردياً من عناصر تلك المجموعة فحسب، وألا قرار لدى الإخوان بالمقاومة، كرّت عليهم بضراوة أشد، مطمئنة لغياب الرادع، واثقة من عدم العقاب.. يقول الكاتب متحسراً على سنوات من عمر الدعوة ضاعت في السجون "لو أن كل تشكيلات الإخوان حذت حذو تلك المجموعة لنغير وجه التاريخ..".

في ضفتنا اليوم التاريخ يعيد نفسه، فعملاء الاحتلال يعيثون فيها فسادا ً ، يعتقلون وينكلون، ويعتدون على الحرمات، يعذبون الأحرار في سجونهم، يلاحقون الشرفاء، آمنين مطمئنين من غياب الردع .. فهل تفاجئهم ضفة العياش وهنود وتغير وجه التاريخ؟

جزاك الله كل خير أخي ولكن هذا ليس كلامي بل كلام عبد السلام الاسمر

بارك الله فيك خيووووووو
انشاء الله نفعلها الضفة وحماس
ويعود النصر لفلسطيين في الاخير اقلك
فلسطيين حرة انشاء الله
حب من حب وكره من كره

ان شاء الله
بارك الله في شعب الجزائر