حقيقة منسية

حقيقة منسيّة
كان ظهور الإسلام للوجود – أول مرة – إرادة للقدر الزاحف تحركت لتعلن للبشرعبوديتهم لله وحده .. فكان أن هيأ الله نبيّاً عظيماً وأنزل (( قرآناً )) عظيماً ، ثم أختار لهذه المهمة الخالدة رجالاً عظماء في تأريخ الإنسانية قاطبة .
أما القضية اليوم فتختلف ، قتلك الإرادة المتحركة الهادفة ، المقصودة ليس لها وجود .. وذلك القائد النبيّ العظيم لا يمكن أن يظهر بعد اليوم . وأولئك الرجال النوادر ذهبوا بالخير كله ، والقرآن نفسه هو اليوم ذكرى إرادة ذلك القدر المتحرك ، وأخيراً إن وعد الله للنصر صار بشروط ، وهو ينتظر وصول رجال الإسلام إلى قمة كقمم تلك النفوس المتجردة العاملة الحكمة .
وأصبح القرآن يشترط للعودة كما نلمحها في عدة آيات منه كأمثال (( ولينصر الله من ينصره )) ....
بينما الحالة في الأولى كان القرآن الكريم هو الذي يريد أن يظهر بالخطة الآلهيه المقصودة ..
وهكذا أنتصر الإسلام وجنده وتحقق وعد الله الحق بأسرع وأروع ما يتصوره العقل الإنساني في تأريخ الحروب والمبادئ والانتصارات . ومازلنا نحلم في ظلال تلك الحقيقة الكبرى ولعلنا ننتظر بفارغ الصبر انتصاراً مماثلاً لذلك الحلم الحقيقة والحقيقة الحلم . ولكن مهلاً . فليس الأمر بهذه البساطة وبهذا السهولة . فالقضية اليوم تختلف وتختلف جداً . فلن يظهر نبيّ جديد ، ولن ينزل قرآن آخر ، ولن تتحرك تلك الأرادة القدرية المقصودة كأولها وأولئك الرجال النوادر ذهبوا بالخير كله (( خير القرون قرني ... )) و ما وعد الله للنصر فقد صار بشروط وأسباب وأشياء أخرى وهو أخيراً وقبل كل شيء ننتظر (( وصول )) رجال الإسلام إلى قمة كقمم تلك النفوس المتجردة العاملة الخالية وقد صدق من قال : يا له من دين لو أنه له رجالاً .. أجل أجل لا ينقص الإسلام إلا شيء واحد وهو (( الرجال )) الرجال الذين كما يريدهم الله ورسوله وكتابه لا كما نريد نحن ! ولكن لا شيء في تصنيع الرجال كالإيمان العميق وانتهاج سبيل العزائم بالحب الوثيق والحداء الرفيق ولله درّ درب القوم الصادقين .